مجلس دعاء من آيات الجزء الرابع من القرآن الكريم
الحمد لله الذي أنزل كتابه هدىً وشفاء، وجعل فيه آياتٍ محكماتٍ هنَّ أمُّ الكتاب، وأُخَر متشابهاتٍ ابتلاءً وتمييزًا، الحمد لله الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم هذا الجزء من كتابك يعلّمنا الثبات بعد الإيمان، والحذر بعد الطمأنينة، ويكشف لنا أن القلوب قد تزيغ، وأن النفوس قد تُفتن، وأن النجاة ليست بكثرة العلم وحده، بل بلطفك وتوفيقك، فها نحن نقف بين يديك بقلوب خاشعة، معترفة بضعفها، مستمسكة بعهدك، قائلة: يا الله.
اللهم لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وهب لنا من لدنك رحمة، إنك أنت الوهاب، اللهم اجعلنا من الراسخين في العلم الذين يقولون آمنا به كلٌّ من عند ربنا، ولا تجعلنا من الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، فثبّت قلوبنا على الحق، واحفظ عقولنا من الشبهات، وألسنتنا من الزلل، وأعمالنا من الفساد.
اللهم إنك أنت الذي تصوّرنا في الأرحام كيف تشاء، لا إله إلا أنت العزيز الحكيم، فاجعل صور قلوبنا مستقيمة على طاعتك، وهيّئ لنا من أمرنا رشدًا، ولا تجعل الدنيا أكبر همّنا ولا مبلغ علمنا، واجعل ما عندك أحبّ إلينا مما في أيدينا.
اللهم إنا نشهد أنك لا يخفى عليك شيء من حالنا، ولا من ضعفنا، ولا من حاجتنا، فنسألك يا رب أن تربط على قلوبنا، وأن تجعلنا من الصابرين الصادقين القانتين المنفقين المستغفرين بالأسحار، وأن لا تحرمنا لذة القرب منك بسبب تقصيرنا، ولا تطردنا من بابك لكثرة ذنوبنا.
ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار، اللهم اغفر لنا ما أسررنا وما أعلنا، وما قدمنا وما أخرنا، وما علمنا وما جهلنا، فأنت أعلم بنا من أنفسنا، وأرحم بنا منّا.
اللهم اجعل لنا في هذا الجزء نور بصيرة، وقوة يقين، وسكينة لا تزول، واجعلنا من الذين لا تغرّهم الحياة الدنيا، ولا يفتنهم زخرف القول، ولا تستخفهم الفتن، بل إذا ذُكرت آياتك زادتهم إيمانًا وتسليمًا.
ربنا ما خلقت هذا باطلًا سبحانك فقنا عذاب النار، ربنا إنك من تُدخل النار فقد أخزيته، وما للظالمين من أنصار، ربنا إنا سمعنا مناديًا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا، فاغفر لنا ذنوبنا، وكفّر عنا سيئاتنا، وتوفّنا مع الأبرار.
ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تُخزنا يوم القيامة إنك لا تُخلف الميعاد، واجعل هذا الدعاء مقبولًا، وهذا المجلس محفوظًا، وهذه القلوب مطمئنة بذكرك، وارزقنا حسن الختام، والقرب منك غير خزايا ولا مفتونين.
وصلِّ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
